فصل: مطلب معنى النجم وأنواع قسم اللّه تعالى:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



35- {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى} أي يعرف ما غاب عنه: من امر الآخرة وغيرها؟!
37- {وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى} أي بلّغ.
39- {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى} أي ما عمل لآخرته.
40- و41- {وَأَنَّ سَعْيَهُ}: عمله {سَوْفَ يُرى} أي يعلم، {ثُمَّ يُجْزاهُ}: يجزى به.
46- {مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى} أي تقدر وتخلق. يقال: ما تدري ما يمني لك الماني، أي ما يقدّر لك اللّه.
47- {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى} أي الخلق الثاني للبعث يوم القيامة.
48- {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى} أي أعطى ما يقتني: من القنية والنّشب. يقال: أقنيت كذا، وأقنانية اللّه.
49- {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى}: الكوكب المضيء الذي يطلع بعد الجوزاء. وكان ناس في الجاهلية يعبدونها.
53- {وَالْمُؤْتَفِكَةَ}: مدينة قوم لوط، لأنها ائتفكت بهم، أي انقلبت. {أَهْوى}: أسقط. يقال: هوى، إذا سقط. وأهواه اللّه، أي أسقطه.
54- {فَغَشَّاها}: من العذاب والحجارة، ما غَشَّى.
56- {هذا نَذِيرٌ} يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم، {مِنَ النُّذُرِ الْأُولى} يعني من الأنبياء المتقدمين.
57- {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ} أي قربت القيامة.
58- {لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ}: ليس لعلمها كاشف ومبين دون اللّه ومثله: {لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ} [سورة الأعراف آية: 187].
وتأنيث (كاشفة) كما قال: {فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ} [سورة الحاقة آية 8] أي بقاء. وكما قيل: العاقبة، وليست له ناهية.
61- {وَأَنْتُمْ سامِدُونَ}: لأهون، ببعض اللغات. يقال للجارية: اسمدي لنا، أي غني لنا. اهـ.

.قال الغزنوي:

سورة والنجم:
1 {وَالنَّجْمِ إِذا هَوى}: الثريا سقط مع الفجر أو هو القرآن إذا نزل.
2 {ما غَوى}: لم يخب عن الرّشد.
6 {ذُو مِرَّةٍ}: حزم في قوة ملكية.
{فَاسْتَوى}: ارتفع إلى مكانه. أو استوى على صورته، وذلك أنّه رأى جبريل- عليه السلام- على صورته في الأفق الأعلى، أفق المشرق فملأه أو: استوى جبريل ومحمد- عليهما السلام- {بِالْأُفُقِ الْأَعْلى}. أو جبريل بالأفق: {ثُمَّ دَنا} أي جبريل نزل بالوحي في الأرض، وعلى الأول محمد دنا من جبريل عليهما السلام.
8 {فَتَدَلَّى}: زاد في القرب، والتدلي: النزول والاسترسال.
9 {فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ}: قدر قوسين، أي: بحيث الوتر من القوس مرّتين. وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما: (القوس: الذراع بلغة أزد شنوءة). ولا شكّ في الكلام، إذ المعنى: فكان على ما تقدرونه أنتم.
11 {ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى}: أي رآه فؤاده، يعني العلم- لأنّ محل الوحي القلب، كقوله: {فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ}.
وروى محمد بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «رأيته بفؤادي ولم أره بعيني».
13 {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى}: رأى جبريل- عليه السلام- في صورته مرّة أخرى. {عند سّدرة} وقيل لها: {الْمُنْتَهى} لأنّ رؤية الملائكة إليها تنتهي.
أو إليها ينتهي ما يعرج إلى السماء من الملائكة وأرواح الشّهداء.
12 {أَفَتُمارُونَهُ}: تجادلونه جدال الشّاكين، {أَفَتُمارُونَهُ}: تجحدونه على علمه.
16 {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ}: رأى رفرفا أخضر من رفارف الجنّة قد سدّ الأفق.
وفي الحديث: «سدرة المنتهى: صبر الجنّة»، أي: أعلى نواحيها، وصبر كل شيء ويصبره: جانبه.
17 {ما زاغَ الْبَصَرُ}: ما أقصر عما أبصر.
{وَما طَغى}: ما طلب ما حجب.
19 {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ}: صنم لتثقيف، {وَالْعُزَّى}: سمرة لغطفان.
20 {وَمَناةَ}: صخرة لهذيل وخزاعة، وأنثوا اسمها تشبيها لها بالملائكة على زعمهم أنّها بنات اللّه، فقال الله: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ}.
22 {ضِيزى}: جائرة ظالمة. ضازه حقّه يضيزه، وضيزى (فعلى) إذ لا (فعلى) في النعوت كسرت الضّاد لليائي مثل: الكيسى، والضيقي تأنيث (الأكيس) و(الأضيق) وهي (الكوسى)، ومثل بيض وعين وهو بوض، مثل حمر وسود.
24{أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى}: أي من الذكور. أو له ما تمنى من غير جزاء.
30 {ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ}: لأنّ علمهم انتهى إلى نفع الدنيا فاختاروها.
32 {إِلَّا اللَّمَمَ}: الصّغائر. قال السّدى: قال أبو صالح: سئلت عنه فقلت: هو الرجل يلمّ بالذنب ثمّ لا يعاود: فقال ابن عبّاس رضي اللّه عنهما: لقد أعانك عليه ملك كريم.
33 {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى} هو العاص بن وائل.
49 {إِذا تُمْنى}: تسأل وتصبّ. أو تخلق وتقدّر.
48 {أَغْنى وَأَقْنى}: أعطى الغنية والقنية.
و(الشّعرى) أحد كوكبي ذراعي الأسد، وقد عبده أبو كبشة الخزاعي وكان جدّ جدّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال أبو سفيان: لقد عظم ملك ابن أبي كبشة.
50 {عادًا الْأُولى}: ابن ارم أهلكوا بريح صرصر، وعادا الآخرة أهلكوا ببغي بعضهم على بعض.
51 {وَثَمُودَ} اتّسق على عاد، أي: أهلك ثمودا فما أبقاهم، ولا ينصب ب (ما أبقى) لأنّ (ما) بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها لأنّ لها صدر الكلام.
53 {وَالْمُؤْتَفِكَةَ}: المنقلبة، مدائن قوم لوط.
{أَهْوى}: رفعها جبريل- عليه السلام- إلى السّماء ثم أهوى بها.
وفي حديث أنس: «البصرة إحدى المؤتفكات». أي: غرقت مرّتين.
55 {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ}: ذكر النعمة لأنّ النقم المعدّدة التي نزلت بمن قبل نعم على من جاء بعد لما فيها من المزاجر.
57 {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ}: اقتربت القيامة، {لَيْسَ لَها} من يكشف عن علمها ويجلّيها. أو من يكشفها ويدفع شدائدها. والهاء من قبل إن {كاشفة} مصدر كـ(عاقبة) و(عافية).
59 {أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ}: أي القرآن.
روى مجاهد أنّ النّبيّ- عليه السلام- لم ير ضاحكا ولا مبتسما بعد نزول هذه الآية.
61 {سامِدُونَ}: جائرون. وقيل: لاهون.
وقال مجاهد: غضاب مبرطمون فسئل عن البرطمة، فقال: الإعراض. اهـ.

.قال ملا حويش:

تفسير سورة والنجم:
عدد 23- 52.
نزلت في مكة بعد الإخلاص عدا الآية 32 فإنها نزلت بالمدينة، وهي اثنتان وستون آية، وثلاثمائة وستون كلمة، وألف وأربعمائة وخمسة أحرف، لا يوجد في القرآن سورة مبدوءة ولا مختومة بما بدئت وختمت به.

.مطلب معنى النجم وأنواع قسم اللّه تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
قال تعالى: {وَالنَّجْمِ} خصه أكثر المفسّرين بأنه الثريا لأن العرب تسميها نجما لأنها نجوم مجتمعة سبعة فأكثر على حسب النظر وقوته، وأنّها تطلع وتغرب بمواسم مخصوصة عندهم لأنها تظهر أوائل الشتاء وتغيب أوائل الصيف عند حصاد الزرع، وانهم يتفاءلون بغيابها إذا كان الهواء غربيا وبالعكس إذا كان شرقيا {إِذا هَوى} سقط وغاب عن الأبصار، أقسم اللّه تعالى به لشيء أراده غير ما ذكرناه وهو لا يسأل عما يريد.
ويطلق لفظ النجم على الجنس منه فيشمل كل نجم في السماء، وعلى النبات الذي لا ساق له، وعلى القرآن لنزوله نجوما متفرقة، وعلى محمد صلى الله عليه وسلم لصعوده السماء ليلة المعراج كالنجم.
واعلم أن أقسام اللّه تعالى تنحصر في ثلاثة أشياء: بذاته المقدسة وبفعله كالسماء والأرض وبمفعوله كالقمر والشمس، وهي إما لفضيلة خاصة كقوله: {وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} أو لمنفعة عامة نحو {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}.
والقسم إما ظاهرا كالآيات السبع التي أشرنا إليها في الآية 15 من سورة التكوير المارة، وإما مضمرا وهو قسمان قسم دلت عليه اللام نحو: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ} الآية 186 من آل عمران في ج 3، وقسم دل عليه المعنى كقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها} الآية 71 من سورة مريم الآتية (يا ويلتاه الورود محقق، والخروج مظنون، فلا حول ولا قوة إلا باللّه، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) وجواب القسم هنا {ما ضَلَّ} عن الحق ولا زاغ عن الصواب فيما تلاه عليكم من الآيات البينات {صاحِبُكُمْ} محمد بن عبد اللّه {وَما غَوى} في اتباع الباطل وما جهل قط، لأن الضلال نقيض الهدى والغي ضد الرشد، وهو هاد مهتد راشد مرشد ليس كما تزعمون يا كفار قريش في نسبتكم إياه للضلال والغي والجهل {وَما يَنْطِقُ} قط {عَنِ الْهَوى} من تلقاء نفسه عن لا شيء كلاما {إِنْ هُوَ} الذي يتلوه عليكم {إِلَّا وَحْيٌ يُوحى} إليه من قبلنا على لسان رسولنا لا من رأيه ولا من قبل الغير {عَلَّمَهُ} إياه ونزل به إليه من لدنا ملك عظيم {شَدِيدُ الْقُوى} هو جبريل عليه السلام وقد مرّ شيء من قوته في تفسير الآية 19 من سورة التكوير المارة وهو {ذُو مِرَّةٍ} قوّة عظيمة، وبأس شديد، ومنظر حسن، وخلق جميل {فَاسْتَوى} في خلقه على أحسن صورة واعتدل قائما على صورته الحقيقية حينما رآه عبدنا محمد عيانا على غير الصورة التي تمثل بها حين هبوطه بالوحي، إذ كان على صورة دحية الكلبي.

.مطلب مقر جبريل ومعنى قاب قوسين:

ولم يره في صورته الحقيقية التي خلقه اللّه عليها غير مرة في الأرض، وهي المشار إليها في سورة التكوير المارّة {وَهُوَ} أي جبريل {بِالْأُفُقِ الْأَعْلى} الشرقي ومحمد بحراء كما مرّ فيها، ومرة في السماء ليلة المعراج كما سيأتي أول سورة الإسراء الآتية {ثُمَّ دَنا} جبريل من محمد {فَتَدَلَّى} ازداد نزوله فتقرب منه {فَكانَ} جبريل من محمد {قابَ} وقبّ وقيب وقاد وقيس كلها بمعنى المقدار القليل، أي ان مسافة قربه منه {قَوْسَيْنِ} من الأقواس العربية المعروفة عندهم إذ لكل قوس قابان وقاب القوس ما بين وترها ومقبضها {أَوْ أَدْنى} من ذلك وأقرب بحسب تقديركم أيها الناس إذ لا أقرب من هذا عندكم وأما عندنا نحن مولى الكل وسيذهم فهو أقرب مما تتصوره عقولكم وهو من حيث القلّة (كأف) في زجر الوالدين في الآية 33 من الإسراء الآتية، وفي التحقيق (كأو) في الآية 46 من سورة الصافات في ج 2، وقد جاء التعدد بالقوس والرمح والذراع والسوط والباع والقدم على حسب لغة العرب واستعمالها، لأن اللّه خاطبهم بما يفهمون، ومن هذا لا صلاة حتى ترتفع الشمس قدر رمح أو رمحين، ومنه ولقاب قوس أحدكم في الجنة وموضع قدّه أي سوطه خير من الدنيا وما فيها، وفيه اشارة إلى ما كانت العرب في الجاهلية تفعله عند مخالفتهم وارادة الصفاء بينهم وتوثيق العهود، فإنهم كانوا يخرجون بقوسين فيلصقانهما حتى يكونا ذا قاب واحد ثم ينتزعونهما ويرمون بكل منها سهما واحدا دلالة على أنهما تظاهرا وتعاقدا وتوافقا على أن يحمي أحدهما الآخر وأن يكون رضى أحدهما وسخطه رضاء الأخر وسخطه قال قل {فَأَوْحى} جبريل عليه السلام وأعبد الضمير إليه لأنه أقرب، ولأن سياق الآية يدل عليه وسياق اللفظ يؤيده {إِلى عَبْدِهِ} عبد اللّه محمد لأن العبودية الحقيقية لا تضاف إلا إليه ولا حاجة لأن يتقدم ذكره لأنه في غاية الظهور ولا لبس فيه مثل قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} فالضمير فيه يعود للقرآن دون ذكر له لمعلوميته مع أنه لم يسبق له ذكر، وكذلك قوله تعالى: {ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ} الآية 62 من سورة النحل في ج 2، فالضمير يعود إلى الأرض في كلمة ظهرها ولم يسبق لها ذكر للعلة نفسها، ولهذا البحث صلة في تفسير الآية 32 من سورة ص الآتية فراجعه {ما أَوْحى} اللّه إليه أي إلى جبريل فأوحاه جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم بنصه حرفيا، وقد أبهم الموحي به للتفخيم على حد قوله تعالى: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ} الآية 78 من سورة طه الآتية فراجعا، أي شيء عظيم جليل خطير أوحاه اللّه إليه، ومن المفسرين من أعاد الضمير في أوحى إلى اللّه عز وجل وأعاد ضمير {دنا فتدلى} كذلك وأعاد ضمير {عبده} إلى محمد وهذا لا يتأتى إلا على القول من أن الإسراء وقع بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم بخمس سنين أي زمن نزول هذه السورة، وهو قول الزّهري ويعضده قول ابن اسحق، ويؤيده ما جاء في الفتاوى بأنه سنة خمس أو ست من النبوة، أما القول بأنه وقع بعد مبعثه بخمسة عشر شهرا فلا يكاد يعقل فضلا عن عدم وجود ما يؤيده من راو أو رواية، وأضعف منه قول شريك بأنه وقع قبل أن يوحى اليه، وهذا كله لا ينطبق على ما نحن فيه وقال الحريّ انه قبل الهجرة بسنة، ويقرب من قوله قول النووي انه بعد النبوة بعشر سنين وثلاثة أشهر، وجزم الملا أمين العمري في شرح ذات الشفاء بأنه في السنة الثانية عشرة من البعثة، وادعى ابن حزم الإجماع عليه، وضعف ما في الفتاوى، وكأنهم يريدون بهذا زمن نزول سورة الإسراء، وعليه يقتضي أن يكون نزول هذه السورة بعد سورة الإسراء ولم يقل به أحد، والقول بنزولها قبلها لم يعارض فيه أحد، والمعارضة في نزولها بين سنة خمس أو ست فقط ورجح الأول لأن قول الثاني هو من باب التداخل في عدد السنين ليس إلا واللّه أعلم، فيظهر من هذا كله أن القول الموافق للحال والمطابق لترتيب نزول السورتين هو قول الزهري وعليه فتكون سورة الإسراء اخبارا عنها.

.مطلب زمن الإسراء والمعراج والرؤية:

واني رغم تتبعي وسؤالي أهل العلم لم أقف على غير هذا، وسأتابع البحث فيه والسؤال عنه حتى إذا وقفت على غيره ذكرته إن شاء اللّه القائل: {ما كَذَبَ الْفُؤادُ} أي قلب الموحى اليه محمد صلى الله عليه وسلم {ما رَأى} بعينه وبصره من جبريل أو ما رأى ليلة المعراج من عجائب مكونات ربه وذاته المقدسة {أَفَتُمارُونَهُ} تجادلونه يا كفار قريش، وقرئ {أفتمرونه} أي تغلبونه أو تجحدونه كما قرئ {كذّب} بالتشديد {عَلى ما يَرى} ويعاين من صورة جبريل الحقيقة التي ذكرها لكم أو مما قصه عليكم في ما شاهده في الإسراء والمعراج من العجائب وذلك أنه لما أخبرهم بإسرائه وقالوا له صف لنا بيت المقدس وأخبرنا عن عيرنا فوصفه لهم وأخبرهم عن عيرهم وثبت لهم صدقه ومع هذا كذبوه كما سيأتي أول الإسراء الآتية {وَلَقَدْ رَآهُ} رأى محمد جبريل {نَزْلَةً أُخْرى} مرة ثانية في صورته الحقيقية حال بلوغه {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى} الكائنة في السماء السابعة وهي شجرة نبق عن يمين العرش التي ينتهي عندها كل أحد ولا يتجاوزها أحد من الملائكة أو رأى ربه عز وجل {عِنْدَها} أي السدرة التي بقربها {جَنَّةُ الْمَأْوى} التي تأوى إليها أرواح الشهداء في الدنيا والمتقون أجمع في الآخرة {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ} من تكبير وتعظيم وتهليل وتمجيد من الخلائق المختلفة الدالة على عظمة الخالق مما لا يحيط به الوصف ولا تسعه الأذهان ويعجز عنه النطق به كل لسان {ما زاغَ الْبَصَرُ} من محمد ولا حال عن رؤية ومشاهدة العجائب التي أبدعها المبدع وأمر رسوله برؤيتها حينما عرضها عليه ومكنه من رؤيتها في تلك الحضرة المقدسة لا يمينا ولا شمالا وهو غاية في أدبه صلى الله عليه وسلم في ذلك المقام الجليل إذ لم يلتفت اليه وهذا يؤيد كون الذي يغشى السدرة هو نور رب العزة لا الملائكة ولا الفراش الذهبي ولا أنواع المخلوقات وان نظر الرسول ما حال دون رؤية ربه عز وجل بصعقة أو غشية كما حصل لموسي وابراهيم عليهما وعليه أفضل الصلاة السلام.